لا أعلم إن كانت قصة رقيقة أم ملحمة وردية تنبض بالدفء والمحبة والحنان، ملحمة تتراقص فيها الأسماك وتغنى النوارس، وتتسابق فيها الخيول عبر الأمواج.
النص الرقيق الذي ينبض بالمشاعر، ويُجسدها من نور يسري في الروح رويدًا رويدًا، ليست غابة خضراء بين الأمواج فحسب، بل أنشودة للفرح تُنشدها الطبيعة بداخل قلب طفل لفحت الشمس وجهه الرقيق بسُمرة ولم تنل من بياض قلبه شيئًا، قصة دافئة تتناول قيمة وأثر إدخال الفرح والبهجة على قلوب الأطفال، ومردود هذه الفرحة من أحلام وألوان وأمنيات.
قصة رائعة تحكي عن البحر بطريقة إنسانية في غاية من النبل والعذوبة والجمال، يشتكي البحر في بداية القصة من الوحدة القاسية التي يشعر بها أثناء فصل الشتاء، ويتحدث عن اشتياقه للعب وضحكات الأطفال حينما تلمس أقدامهم الصغيرة مياه البحر لأول مرة.
فيقول البحر في كلمات رقيقة :
"ومن بين كل الوجوه، لم يُفارقني وجه طفلٍ صغير، لفحت الشمس بشرته بسُمرةٍ"
طفل صغير بملامح بريئة يجوب الشاطئ طوال اليوم، حاملًا عوامات من المطاط على أشكال الطيور والحيوانات".
أحب البحر هذا الطفل الفارس الجميل بشده، وتمنى أن يقترب من أمواجه المُتراقصة ويلهو معها، وتمنى مجئ أمير بذراعين لا تُقيدهما العوامات، فيُحقق له أمنيته البريئة التي تراود قلبه الرقيق على الدوام.
حتى تحقق حلم البحر وحلم أمير في آنٍ واحد، فيقول البحر في كلمات رقيقة عذبة
"كانت أقدام أمير غير أقدام كل الأطفال، خشنة مُتعبة من كثرة السير على الشاطئ حاملًا العوامات، سعيًا وراء الرزق".
ليكمل قائلًا : تستحق هذه الأقدام أن أمنحها الراحة بعد طول عناء، حتى دفع بالأسماك الصغيرة الملونة لتُداعب قدميه الصغيرتين، ثم أرسل موجة مشاغبة أطلقت سراح كل العوامات وحررت يديه، حتى صافحت أمواجه يداه الرقيقتان، يدانِ تعملان تستحقان أن يُقبلهما الموج بحنان.
لتأتي كل الطيور والحيوانات، تقفزُ فَرِحة وكأنها في غابة خضراء تسبح بين الأمواج.
غابة في حضن البحر يعيش سكانها في حب وسلام، يلهو فيها الأسد مع الغزال، والفيل مع الدرفيل، حتى اختلط الصهيل بالهديل، والنباح بالصياح.
ثم يقول البحر في رقة وسعادة غامرة :
"وكانت ضحكة أمير هي أجمل ما سمعت، وابتسامته أجمل ما رأيت، ولمسة يديه أجمل ما أحسست".
ليختم البحر حكايته وحكاية قلب طفله وأميره الصغير قائلًا :"يمكنني الآن أن أستقبل الشتاء بلا خوف، ففي جُعبتي ذكريات جميلة عن أطفال شاركتهم أحلامهم، واحتضنت أمواجي ابتساماتهم".
جائت الرسوم جميلة وخيالية وتتشابه مع أجواء القصة وكأنها تتراقص في براح الصفحات بلمسات فلكلورية رائعة أعطت النص روحًا تلائم رقة النص وعمقه وبساطته في آنٍ واحد.